وبدأ معاوية يعبّئ جيشه ويكتب لعمّاله بموافاته لغزو العراق، وفي بعض كتبه لعمّاله يذكر أنّ بعض أشراف الكوفة وقادتهم كتبوا إليه يلتمسون منه الأمان لأنفسهم وعشائرهم، وإن صح هذا فهو أول الخذلان الذي ارتكبه أهل الكوفة بحقّ الإمام الحسن عليه السلام
.
وجاء في مذكرة رفعها معاوية ذات مضمون واحد إلى جميع عمّاله
__________
وولاته: " أمّا بعد، فالحمد لله الذي كفاكم مؤونة عدوّكم وقتلة خليفتكم، إنّ الله بلطفه أتاح لعلي بن أبي طالب رجلاً من عباده فاغتاله فقتله فترك أصحابه متفرّقين مختلفين، وقد جاءتنا كتب أشرافهم وقادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم وعشائرهم، فأقبلوا إليّ حين يأتيكم كتابي هذا بجهدكم وجندكم وحسن عدتكم، فقد أصبتم بحمد الله الثأر، وبلغتم الأمل، وأهلك الله أهل البغي والعدوان .."
.
ولمّا وصلت هذه الرسالة إلى عمّاله وولاته قاموا بتحريض الناس وحثّهم على الخروج والاستعداد لحرب ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وسبطه، وفي أقرب وقت التحقت به قوىً كبيرة لا ينقصها شيء من العدّة والعدد .
ولمّا توفرت لمعاوية تلك القوة من المضلَّلين وأصحاب المطامع; زحف بهم نحو العراق وتولّى بنفسه قيادة الجيش، وأناب عنه في عاصمته الضحاك بن قيس الفهري، وقد كان عدد الجيش الذي نزح معه ستين ألفاً، وقيل أكثر من ذلك، ومهما كان عدده فقد كان مطيعاً لقوله، ممتثلاً لأمره، منفّذاً لرغباته وطوى معاوية البيداء بجيشه الجرّار، فلمّا انتهى إلى جسر منبج
أقام فيه، وجعل يحكم أمره ..
.
وبدأ الإمام عليه السلام
من جانبه يستنهض الكوفة للجهاد والسير لقتال معاوية بعد أن بلغه توجّهه نحو العراق، فبعث حجر بن عدي يأمر العمّال والناس بالتهيّؤ للمسير ونادى المنادي الصلاة جامعة فأقبل الناس يتوثّبون ويجتمعون ، فقال الإمام الحسن عليه السلام
للمنادي : " إذا رضيتَ جماعة الناس
__________
فأعلمني" وجاء سعيد بن قيس الهمداني فقال : اخرج فخرج الإمام الحسن عليه السلام
فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
: "... أمّا بعد، فإنّ الله كتب الجهاد على خلقه وسمّاه كرهاً، ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين :(
اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
)
فلستم ـ أيها الناس ـ نائلين ما تحبّون إلاّ بالصبر على ما تكرهون، إنّه بلغني أنّ معاوية بلغه أنّا كنّا أزمعنا المسير إليه فتحرّك لذلك، فاخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بالنخيلة .." فسكتوا
.