كان الصحابة رجالاً ونساءً يعودون

كان الصحابة رجالاً ونساءً يعودون فاطمة (عليها السلام) بين الحين والحين إلاّ عمر وأبا بكر لم يعوداها لأنّها قاطعتهُما ورفضتهُما ولم تأذن لهُما بعيادتها ، ولمّا ثقل عليها المرض وقاربتها الوفاة لم يجدا بُدّاً من عيادتها لئلاّ تموت بضعة المصطفى (صلى الله عليه وآله) وهي ساخطة عليهما على رؤوس الأشهاد، فتبقى وصمة عار تلاحق الخليفة وجهازه الحاكم إلى يوم الدين ، وأرادوا تغطية انحرافهم باسترضاء الزهراء (عليها السلام) وعند ذلك ينتهي كلّ شيء، وتكون مأساة فعلتهم منسية بالتدريج .



وروي أنّ عمر قال لأبي بكر : إنطلق بنا إلى فاطمة فإنّا قد أغضبناها، فانطلقا فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما ، فأتيا عليّاً فكلَّماه فأدخلهما عليها، فلمّا قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط فسلّما عليها ، فلم تردّ عليهما السَّلامَ ، فتكلّم أبو بكر فقال : يا حبيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والله إنّ قرابة رسول الله أحبّ إليّ من قرابتي وإنك لأحبّ إليَّ من عائشة إبنتي ، ولوددت يوم مات أبوك أَنّي متّ ولا أبقى بعده ، أفتراني أعرفكِ وأعرف فضلك وشرفك ، وأمنعك حقّكِ وميراثك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ إلاّ أنّي سمعت أباكِ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : « لا نورّث ، ما تركناه صدقه ».



فقالت (عليها السلام) : « أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تعرفانه وتفعلان به ؟» فقالا : نعم، فقالت : «نشدتكما الله، ألم تسمعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحبّ فاطمة إبنتي فقد أحبّني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني ؟ ».



قالا : نعم ، وسمعناه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) .



قالت : «فإنّي اُشهدُ الله وملائكته أَنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني ولئن لقيت النبي (صلى الله عليه وآله) لأشكونّكما اليه »، فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله تعالى من سخطه ومن سخطكِ يا فاطمة، ثم انتحب أبو بكر يبكي ، حتى كادت نفسه أن تزهق و فاطمة تقول : « والله لأدعونَّ عليكما في كلّ صلاة اُصليها ، ثم خرج باكياً» فاجتمع الناس إليه فقال لهم : يبيت كلّ رجل معانقاً حليلته مسروراً بأهله، وتركتموني وما أَنا فيه ، لا حاجة لي في بيعتكم ، أقيلوني بيعت[1] .