عاشت الزهراء

عاشت الزهراء (عليها السلام) في بيت أعظم شخصية إسلامية بعد الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) على الإطلاق ، رجل مهمته حمل راية الإسلام والدفاع عنه .



وكانت الظروف السياسية حسّاسة وفي غاية الخطورة يوم كانت جيوش الإسلام في حالة إنذار دائم، إذ كانت تشتبك في حروب ضروس في كلّ عام ، وقد اشترك الإمام عليّ (عليه السلام) في أكثرها .



وكانت الزهراء توفّر الجوّ اللازم والدفء والحنان المطلوب في البيت المشترك، وبهذا كانت تشترك في جهاد عليّ أيضاً فإنّ جهاد المرأة حسن التبعّل كما ورد في الحديث الشريف[1] .



لقد كانت الزهراء (عليها السلام) تشجّع زوجها ، وتمتدح شجاعته وتضحيته، وتشدّ على يده للمعارك المقبلة، وتسكّن جراحه وتمتص آلامه ، وتسرّي عنه أتعابه ، حتى قال الإمام عليّ (عليه السلام) : « ولقد كنت أنظر اليها فتنجلي عنّي الغموم والأحزان بنظرتي اليها »[2] .



ولقد كانت حريصة كلّ الحرص في القيام بمهام الزوجية، وما خرجت فاطمة (عليها السلام) من بيتها يوماً بدون إذن زوجها ، وما أسخطته يوماً وما كذبت في بيته وما خانته وما عصت له أمراً، وقابلها الإمام عليّ (عليه السلام) بنفس الاحترام والودّ وهو يعلم مقامها ومنزلتها الرفيعة، حتى قال : « فوالله ما أغضبتها ولا أكربتها من بعد ذلك حتى قبضها الله إليه، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً »[3] .



وذكر الإمام (عليه السلام) ذلك في لحظات عمر الزهراء (عليها السلام) الأخيرة حين أرادت أن توصيه : « يا ابن عمّ! ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ، ولا خالفتك منذ عاشرتني »؟ فقال (عليه السلام) : « معاذ الله ، أنتِ أعلم بالله وأبرّ وأتقى وأكرم وأشدّ خوفاً منه، والله جدّدت عليَّ مصيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد عظمت وفاتكِ وفقدك ، فإنّا لله وإنّا اليه راجعون »[4] .



وعن أبي سعيد الخدري قال : أصبح عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ذات يوم ساغباً فقال : «يا فاطمة هل عندك شيء تغذينيه ؟» قالت : «لا ، والذي أكرم أبي بالنبوّة وأكرمك بالوصيّة ما أصبح الغداة عندي شيء وما كان شيء اُطعمناه مذ يومين إلاّ شيء كنت اُؤثرك به على نفسي وعلى ابنيّ هذين ( الحسن والحسين ) فقال عليّ (عليه السلام) : «يا فاطمة ألا كنت أعلمتني فأبغيكم شيئاً ؟» فقالت: «يا أبا الحسن إنّي لأستحي من إلهي أن أكلّف نفسك ما لا تقدر عليه»[5] .



هكذا عاش هذان الزوجان النموذجيان في الإسلام، وأدّيا واجباتهما، وضربا المثل الأعلى للأخلاق الإسلامية السامية، كيف لا؟ وقد قال النبيّ(صلى الله عليه وآله) في ليلة الزفاف لعليّ (عليه السلام) : « يا عليّ ، نِعمَ الزوجة زوجتك » وقال لفاطمة (عليها السلام) : « يا فاطمة نعِم البعل بعلُك »[6] .



وقال (صلى الله عليه وآله) : « لو لا عليّ لم يكن لفاطمة كفؤ »[7] .