حين نطالع الفترة التي ولدت فيها

حين نطالع الفترة التي ولدت فيها الزهراء(عليها السلام) نجد أنّ مجتمع الجزيرة ـ آنذاك ـ عاش أحداثاً خطيرة وصراعات وأوضاعاً متأزّمة ، فالدعوة الجديدة التي جاء بها النبي الأكرم جعلت المجتمع على مفترق طرق .



ومن الناحية الاقتصادية كان فقيراً بحكم طبيعته ، إلاّ من حركة اقتصادية ضعيفة كانت تقتصر على التجارة المحدودة مع بلاد اليمن والشام .



ومن الناحية الاجتماعية فقد كانت تسوده الديانة الكافرة والتقاليد البالية والعنصرية القبلية ، وتطغى عليه الحروب والغارات التي تشنها قبيلة على اُخرى لأسباب قد لا تكون معقولة أبداً، وكانت ظاهرة وأد البنات من أقسى ظواهره المتخلفة .



في هذه الفترة بعث النبي (صلى الله عليه وآله) ـ وعمره أربعون عاماً ـ فانطلق

لوحده ليقف بوجه الكفر العالمي وعبادة الأصنام والشرك ، ويغالب

المشاكل والمصاعب الخطيرة ، فبلّغ بالدعوة سرّاً في أول الأمر حفاظاً عليها من الأعداء، حتى جاء أمر الله بإعلان الدعوة واقتحام صفوف الباطل، فأعلن الرسول دعوته ، ودعا الناس إلى الإسلام ، وأخذ عدد المسلمين يزداد يوماً بعد يوم ، وأحسّ أعداء الإسلام بالخطر من هذا التيار الجديد فوثبت كلّ قبيلة على من فيها من مستضعفي المسلمين ، فجعلوا يحبسونهم ويعذّبونهم بألوان العذاب من الضرب والتجويع والترك على حرّ الرمال وكيّهم بالنار في محاولة منهم لافتتان المسلمين وردعهم عن دينهم ، فلمّا رأى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ما يصيب أصحابه من البلاء قال لهم : « لو خرجتم إلى أرض الحبشة حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه » فاستجاب المسلمون لأمرالرسول (صلى الله عليه وآله) فخرجوا وتركوا أرضهم وأموالهم ، مخافة الفتنة وفراراً إلى الله بدينهم[1] .