انقضت أيام الحمل واقترب موعد الو
انقضت أيام الحمل واقترب موعد الولادة ولم تزل خديجة تأنس
بجنينها وتعيش الأمل على الفرحة بالولادة، فلمّا حضرتها الولادة أرسلت
إلى نساء قريش ونساء بني هاشم أن يجئن ويلين منها ما تلي النساء من النساء في مثل
هذا الظرف ، فأرسلن اليها : عصيتنا ولم تقبلي قولنا ، وتزوّجت محمّداً يتيم أبي
طالب ، فقيراً لا مال له ، فلسنا نجيء ولا نلي من أمركِ شيئاً ، فاغتمت خديجة لذلك،
فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع
نسوة طوال كأنّهن من نساء بني هاشم ، ففزعت منهنّ ، فقالت إحداهن : لا تحزني يا
خديجة ، فإنّا رسل ربّكِ إليكِ ، ونحن أخواتك ، أنا سارة وهذه
آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة ، وهذه مريم بنت عمران وهذه كلثم اُخت موسى بن
عمران ، بعثنا الله تعالى اليكِ لنلي من أمركِ ما تلي
النساء من النساء فجلست واحدة عن يمينها والاُخرى عن يسارها والثالثة من بين يديها
والرابعة من خلفها ، فوضعت فاطمة (عليها السلام) طاهرة مطهرة ، فلمّا سقطت إلى
الارض أشرق منها نور حتى دخل بيوتات مكة، فتناولتها المرأة التي بين يديها فغسلتها
بماء الكوثر وأخرجت خرقتين بيضاوين فلفّتها بواحدة وقنعتها بالثانية ، ثم استنطقتها
فنطقت فاطمة (عليها السلام) بالشهادتين ثم سلّمت عليهنّ وسمّت كلّ واحدة منهن
باسمها ، وأقبلن يضحكن إليها ، وقالت النسوة : خذيها يا خديجة طاهرة مطهّرة زكية
ميمونة ، بورك فيها وفي نسلها، فتناولتها فرحة مستبشرة، وألقمتها ثديها فدرّ
عليها[5].
وكانت خديجة إذا ولدت ولداً دفعته لمن يرضعه، فلمّا ولدت فاطمة(عليها السلام) لم
يرضعها أحدٌ غير خديجة[6] .