عن عليّ بن الحسين زين العابدين
عن عليّ بن الحسين زين العابدين (عليه السلام): «لم يولد
لرسول الله (صلى الله عليه وآله) من خديجة على فطرة الاسلام إلاّ فاطمة»[13].
وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): «والله لقد فطمها الله تبارك وتعالى
بالعلم»[14].
وعن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام): «إنّما سُمّيت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن
معرفتها»[15].
وعن ابن عباس: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان جالساً ذات يوم وعنده عليّ
وفاطمة والحسن والحسين فقال: «اللهمّ إنّك تعلم أنّ هؤلاء أهل بيتي وأكرم الناس
عليّ فأحبب من أحبّهم وأبغض من أبغضهم ووالِ من والاهم وعادِ من عاداهم، وأعن من
أعانهم واجعلهم مطهّرين من كلّ رجس معصومين من كلّ ذنب وأيّدهم بروح القدس
منك»[16].
وعن اُمّ سلمة أنّها قالت: كانت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أشبه
الناس وجهاً وشبهاً برسول الله (صلى الله عليه وآله)[17].
وعن عائشة أنّها قالت: ما رأيت أحداً كان أصدق لهجةً من فاطمة إلاّ أن يكون الذي
ولّدها[18] وكانت إذا دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قام فقبّلها ورحّب
بها وأخذ بيدها وأجلسها في مجلسه، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا دخل عليها
قامت من مجلسها فقبّلته وأخذت بيده وأجلسته في مجلسها، وكان الرسول دائماً يختصّها
بسرّه ويرجع اليها في أمره[19].
وعن الحسن البصري أنّه ما كان في هذه الاُمة أعبد من فاطمة، كانت تقوم حتى تورّم
قدماها[20].
ودخل عبدالله بن حسن على عمر بن عبد العزيز وهو حديث السنّ، وله وقرة، فرفع مجلسه
وأقبل عليه وقضى حوائجه، ثم أخذ عكنة[21] من عكنه فغمزها حتى أوجعه وقال له: اذكرها
عند الشفاعة.
فلما خرج لامَهُ أهله وقالوا: فعلت هذا بغلام حديث السن، فقال: إنّ الثقة حدّثني
حتى كأنّي أسمعه من في رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «إنّما فاطمة بضعة منّي
يسرّني ما يسرّها» وأنا أعلم أنّ فاطمة (عليها السلام) لو كانت حيّة لسرّها ما فعلت
بابنها، قالوا: فما معنى غمزك بطنه، وقولك ما قلت؟ قال: إنّه ليس أحد من بني هاشم
إلاّ وله شفاعة، فرجوت أن أكون في شفاعة هذا[22].
قال ابن الصبّاغ المالكي: ... وهي بنت من اُنزل عليه (سبحان الذي أسرى)، ثالثة
الشمس والقمر، بنت خير البشر، الطاهرة الميلاد، السيّدة بإجماع أهل السداد[23].
وقال الحافظ أبو نعيم الإصفهاني عنها: «من ناسكات الأصفياء وصفيّات الأتقياء فاطمة
ـ رضي الله تعالى عنها ـ السيّدة البتول، البضعة الشبيهة بالرسول ... كانت عن
الدنيا ومتعتها عازفة، وبغوامض عيوب الدنيا وآفاتها عارفة[24].
وقال عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي: وأكرم رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فاطمة إكراماً عظيماً أكثر مما كان الناس يظنّونه ... حتى خرج بها عن حبّ الآباء
للأولاد، فقال لمحضر الخاص والعام مراراً لا مرّة واحدة وفي مقامات مختلفة لا في
مقام واحد: «إنّها سيّدة نساء العالمين وإنّها عديلة مريم بنت عمران، وإنّها إذا
مرّت في الموقف نادى مناد من جهة العرش: يا أهل الموقف غضّوا أبصاركم لتعبر فاطمة
بنت محمد»، وهذا من الأحاديث الصحيحة وليس من الأخبار المستضعفة ، وكم قال لا مرّة:
«يؤذيني ما يؤذيها ويغضبني ما يغضبها، وإنّها بضعة منّي يريبني ما رابها»[25].
وقال المؤرّخ المعاصر الدكتور علي حسن ابراهيم: وحياة فاطمة هي صفحة فذّة من صفحات
التاريخ نلمس فيها ألوان العظمة، فهي ليست كبلقيس أو كليو بطرة استمدّت كلّ منهما
عظمتها من عرش كبير وثروة طائلة وجمال نادر، وهي ليست كعائشة نالت شهرتها لما اتصفت
به من جرأة جعلتها تقود الجيوش وتتحدّى الرجال، ولكنّا أمام شخصية استطاعت أن تخرج
إلى العالم وحولها هالة من الحكمة والجلال، حكمة ليس مرجعها الكتب والفلاسفة
والعلماء، وإنّما تجارب الدهر المليء بالتقلّبات والمفاجآت، وجلال ليس مستمداً من
ملك أو ثراء وإنّما من صميم النفس ...[26].