أجمع أهل القبلة حتى الخوارج منهم
أجمع أهل القبلة حتى الخوارج منهم على أنّ النبيّ (صلى الله
عليه وآله) لم يَدْعُ للمباهلة من النساء سوى بضعته الزهراء ومن الأبناء سوى سبطيه
وريحانتيه الحسن والحسين (عليهما السلام) ومن الأنفس إلاّ أخاه عليّاً (عليه
السلام) الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى، فهؤلاء أصحاب هذه الآية بحكم الضرورة
التي لا يمكن جحودها لم يشاركهم فيها أحد من العالمين، كما هو بديهيّ لكل من ألمّ
بتاريخ المسلمين، وبهم خاصّة نزلت لا بسواهم[16].
لقد باهل النبيّ (صلى الله عليه وآله) بهم خصومه من أهل نجران فانتصر عليهم ،
واُمّهاتُ المؤمنين كنّ حينئذ في حجراته (صلى الله عليه وآله) فلم يدعُ واحدةً
منهنّ، ولم يدع صفيّة وهي
شقيقة أبيه، ولا اُمّ هاني وهي كريمة عمّه، ولا واحدةً من نساء الخلفاء الثلاثة
وغيرهم من المهاجرين والأنصار.
كما أ نّه لم يدعُ مع سيديّ شباب أهل الجنة أحداً من أبناء الهاشميين ولا أحداً من
أبناء الصحابة، وكذلك لم يدع مع عليّ أحداً من عشيرته الأقربين ولا واحداً من
السابقين الأوّلين، وإنّما خرج وعليه مرط من شعر أسود ـ كما يقول الرازي في تفسيره
ـ وقد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعليّ خلفها وهو يقول: إذا أنا
دعوت فأمِّنوا، فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى ! إنّي لأرى وجوهاً لو سألوا الله
أن يزيل جبلاً لأزاله بها، فلا تباهلوهم فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصرانيّ
الى يوم القيامة[17].
قال الرازي بعد نقل هذا الحدث: هذه الآية دالّة على أنّ الحسن والحسين (عليهما
السلام) كانا ابني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وَعَدَ أن يدعو أبناءه فدعا
الحسن والحسين (عليهما السلام) فوجب أن يكونا ابنيه[18].