لقد أشهد النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم الحسنين عليهما‌ السلام حينما كتب كتاباً لثقيف، وأثبت فيه شهادة عليّ والحسنين صلوات الله وسلامه عليهم .

قال أبو عبيد : وفي هذا الحديث من الفقه إثباته شهادة الحسن والحسين، وقد كان يروي مثل هذا عن بعض التابعين : أنّ شهادة الصبيان تكتب ويستنسبون، فيستحسن ذلك، فهو الآن في سنّة النبي(٢) .

نقول : ألم يجد النبيّ أحداً من الصحابة يستشهده على ذلك الكتاب الخطير الذي كان يرتبط بمصير جماعة كبيرة سوى هذين الصبيّين؟! وهل كان وحيداً صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم حينما جاءه وفد ثقيف، وكتب لهم ذلك الكتاب حتى احتاج إلى استشهاده ولَدَين صغيرين لم يبلغا الخمس سنوات ؟ .

إنّ أدنى مراجعة للنصوص التاريخية لتبعد هذا الاحتمال كلّ البعد، حيث إنّها صريحة في أنّ رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم قد ضرب لهم قبة في المسجد ليسمعوا القرآن، ويروا الناس إذا صلّوا، وكان خالد بن سعيد بن العاص حاضراً، وكان خالد بن الوليد هو الكاتب، ومع ذلك لم يشهدا على الكتاب(٣) .

إنّنا نعي من ذلك ما أراد أن يشير إليه النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم من فضل الحسنين، وأنّهما مؤهّلان لأن يتحمّلا المسؤوليات الجسام حتى في المعاهدات السياسية

__________

(١) المناقب لابن شهر آشوب : ٤ / ١٢ عن العقد الفريد والمدائني .

(٢) الأموال : ص٢٧٩ ـ ٢٨٠، وراجع التراتيب الإدارية : ١ / ٢٧٤ .

(٣) الحياة السياسية للإمام الحسن، للعاملي: ٤٤ .


الخطيرة كهذه المعاهدة بالذات، والتي كانت مع ثقيف المعروفة بعدائها الشديد للإسلام والمسلمين .