إنّ اعتبار الإمام الحسن وأخيه الحسين عليهما السلام
في صباهما المثل الأعلى والأنموذج المجسّد للإسلام وعي عقائدي سليم فرضته الأدلة والبراهين التي تؤكّد بشكل قاطع على أن الأئمة الأطهار عليهم السلام
كانوا في حال طفولتهم في المستوى الرفيع الذي يؤهّلهم لتحمّل الأمانة الإلهية وقيادة الأُمة قيادة حكيمة وواعية، كما سَجَّل التاريخ ذلك بالنسبة لكل من الإمامين الجواد عليه السلام
والمهدي "عجّل الله تعالى فرجه الشريف" حيث شاءت الإرادة الإلهية أن يتحمّلا مسؤولياتهما القيادية في السنين الأُولى من حياتهما، وهذا ليس بالغريب على من أرادهم الله حملة لدينه ورعاة لبريته، فهذا عيسى بن مريم يتحدّث عنه القرآن الكريم بقوله :(
فَأَشَارَتْ إليه قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيَّاً *
__________
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيَّاً ...
)
.
وكذلك كان يحيى عليه السلام
الذي قال الله سبحانه عنه :(
يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيَّاً
)
.
لقد كان الحسنان عليهما السلام
في أيّام طفولتهما الأُولى أيضاً في مستوىً من النضج والكمال الإنساني بحيث كانا يملكان كافة المؤهّلات التي تجعلهما محلاً للعناية الإلهية، وأهلاً للأوسمة الكثيرة التي منحها إيّاهما الإسلام على لسان نبيّه العظيم صلى الله عليه وآله وسلم
ممّا جعلهما قادرين على تحمّل المسؤوليات الجسام، وحيث إنّ الحاضرين للمباهلة شركاء في الدعوى، إذن فعليّ وفاطمة والحسنان عليهم السلام
شركاء في الدعوى، وفي الدعوة إلى المباهلة لإثباتها .
وهذا من أفضل المناقب التي خصّ الله بها أهل بيت نبيّه
.
وقد استنتج علماء المسلمين الفضل للحسن والحسين عليهما السلام
من المباهلة، ومنهم ابن أبي علان ـ وهو أحد أئمة المعتزلة ـ حيث يقول : هذا يدل على أنّ الحسن والحسين كانا مكلّفين في تلك الحال; لأنّ المباهلة لا تجوز إلاّ مع البالغين
.
ويؤيّد ذلك أيضاً اشراكهما عليهما السلام
في بيعة الرضوان، ثم شهادتهما للزهراءعليهاالسلام
في قضية نزاعها مع أبي بكر حول فدك، إلى غير ذلك من أقوال ومواقف للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
فيهما في المناسبات المختلفة .
وهذا كلّه يصبّ في المنهج الذي أراده النبي صلى الله عليه وآله وسلم
في إعداد الناس
__________
نفسيّاً، وإفهامهم بأنّ أئمة أهل البيت عليهم السلام
يمكنهم أن يتحمّلوا مهمة رسالية في قطعة زمنية من أعمارهم .