كان الإمام عليه السلام
طامحاً حتى آخر لحظة قبل نشوب القتال أن يرتدع الناكثون عن غيّهم ، فلم يأذن بالقتال رغم ما شاهد من إصرار زعماء الفتنة على المضي في الحرب ، فقال عليه السلام
لأصحابه :(لا يرمينّ رجل منكم بسهم ، ولا يطعن أحدكم فيهم برمح حتى اُحدث إليكم ، وحتى يبدؤوكم بالقتال والقتل)
.
وشرع أصحاب الجمل بالرمي فقتل رجل من أصحاب الإمام ، ثمّ قتل ثانٍ وثالث ، عندها أَذِنَ عليه السلام
بالردّ عليهم والدفاع عن الحقّ والعدل .
التحم الجيشان يقتتلان قتالاً رهيباً ، فتساقطت الرؤوس وتقطّعت الأيادي وأثخنت الجراحات في الفريقين ، ووقف أمير المؤمنين ليشرف على ساحة المعركة فرأى أصحاب الجمل يستبسلون في الدفاع عن جملهم فنادى بأعلى صوته :(ويلكم اعقروا الجمل فإنّه شيطان ...)
.
فهجم الإمام عليه السلام
وأصحابه حتى وصلوا الجمل فعقروه ، ففرّ من بقي من أصحاب الجمل من ساحة المعركة فأمر عليه السلام
بعد ذلك بحرق الجمل وتذريّة رماده في الهواء لئلاّ تبقى منه بقية يفتتن بها السذّج والبسطاء ، ثمّ قال الإمام عليه السلام
:لعنه الله من دابّة ، فما أشبهه بعجل بني إسرائيل
.
ومدّ بصره نحو الرماد الذي تناثر في الهواء فتلا قوله تعالى :(
... وَانظُرْ إِلَى إِلهِكَ الّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لّنُحَرّقَنّهُ ثُمّ لَنَنسِفَنّهُ فِي الْيَمّ نَسْفاً
)
.
ــــــــــــ