أ ـ المساواة في العطاء بين المسلمين جميعاً ،
متّبعاً في ذلك سنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
التي أهملها من كان قبله من الخلفاء ، وقد أوضح في خطبته سياسة التوزيع النابعة من حكم الله(
إِنّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللّهِ أَتْقَاكُمْ
)
فقال :
(ألا وأيّما رجلٍ استجاب لله وللرسول فصدّق ملّتنا ودخَل في ديننا واستقبل قبلتنا ؛ فقد استوجب حقوق الإسلام وحدوده ، فأنتم عباد الله ، والمال مال الله ، يُقسّم بينكم بالسويّة ، لا فضل فيه لأحد على أحد ، وللمتّقين عند الله غداً أحسن الجزاء وأفضل الثواب)
.
ب ـ استرجاع الأموال المنهوبة من بيت المال في عهد عثمان ،
فقد أعلن الإمام أنّ الأموال المأخوذة بغير حقّ ـ وما أكثرها في عهد عثمان ـ لابدّ أن ترجع
ــــــــــــ
إلى بيت المال ، حيث كانت الأموال الطائلة عند طبقة محيطة بالخليفة أو أنّ عثمان كان يعطيها ليستميلها إليه فقال عليه السلام
:(ألا إنّ كلّ قطيعة أقطعها عثمان وكلّ مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال ، فإنّ الحقّ لا يبطله شيء ، ولو وجدته قد تُزوج به النساء ومُلك به الإماء وفرِّق في البلدان لرددته ، فإنّ في العدل سعةً ، ومن ضاق عليه العدل ، فالجور عليه أضيق)
.
هذه السياسة المالية لم ترق لقريش ، فقد كان العايد من أقطابها تنالهم قرارات الإمام وهم في أنفة الطغيان والتكبّر والاستعلاء ، مثل : مروان بن الحكم وطلحة والزبير ، فما أن استوثقوا الجدّ في عمل الإمام حتى بدأوا بإثارة الفتن والإحَن أمام حكومة الإمام ، حتى أن طلحة والزبير جاء إلى الإمام عليه السلام
يعترضان على ذلك فقالا : إنّ لنا قرابةً من نبي الله وسابقةً وجهاداً ، وإنّك أعطيتنا بالسوية ولم يكن عمر ولا عثمان يعطوننا بالسوية ، كانوا يفضّلونا على غيرنا .
فقال عليه السلام
:فهذا كتاب الله فانظروا ما لكم من حقٍّ فخذوه
، قالوا : فسابقتنا ! قال عليه السلام
:أنتما أسبق منّي ؟
قالا : لا ، فقرابتنا من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
! قال عليه السلام
:أقرب من قرابتي ؟
قالا : لا ، فجهادنا ، قال عليه السلام
:أعظم من جهادي ؟
قالا : لا ، قال عليه السلام
:فو الله ما أنا في هذا المال وأجيري إلاّ بمنزلة سواء
.
ج ـ المساواة أمام حكم الله تعالى :
لم يكن الإمام عليه السلام
غافلاً عن تطبيق أحكام الشريعة في عهد من سبقه من الخلفاء ، فكان يحكم ويفصل بالحقّ والعدل ، إذ يعجز غيره ، وما أن استلم زمام أمور الدولة ؛ حتى ضرب أروع صنوف العدل وسلك أوضح سبل الحقّ مظهراً عدل الشريعة الإلهية وقدرة الإسلام على إقامة دولة تنعم بالحرية والأمان والعدل .
ومواقف الإمام عليه السلام
كثيرة وما كان يتحرّج أن يجري القانون على نفسه وأهل
ــــــــــــ
بيته وأصحابه ، فقد ترافع مع اليهودي إلى شريح القاضي ليفصل بينهم في درع افتقده عليه السلام
.
وقد كانت أحكام الإمام في فصل القضاء نابعة من عمق الشريعة وسعة علم الإمام بأمور الدين والدنيا ، وتدلّ على العصمة في الفكر والعمل .