إنّه لأمر طبيعيّ أن يقف ضد الحقّ أو يحايد من ساءت سريرته وضعف يقينه وأضمرت نفسه الحقد والحسد ، فرغم أنّ الإمام علياً عليه السلام
هو الخليفة الشرعي كما نصّت على ذلك الأحاديث النبويّة الشريفة ، وأكدّها تأريخ الرسالة الإسلامية بأنّ خير من يصون الأمة والرسالة بعد غياب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
هو الإمام
ــــــــــــ
عليّ عليه السلام
لما له من قابليات ومؤهّلات لا تتوفر لغيره من المسلمين ، كما وأنّ الأمة هي التي فزعت إلى الإمام بكل شرائحها وفئاتها ترتجي منه قبول الخلافة ، لكنّنا نجد أنّ فئة قليلة اتّسمت بالانحراف عن الحقّ والجبن في مواجهته بدأت ترتدّ عن بيعتها .
لقد كان تخلّفهم خرقاً لإجماع الأمة وتحدّياً لبيعتها ، وبذلك فتحوا باباً جديدة في تأجيج الفتنة واستمرار الصراع الداخلي ، ومن هؤلاء المتخلّفين : سعد ابن أبي وقّاص ، وعبد الله بن عمر ، وكعب بن مالك ، ومسلمة بن مخلد ، وأبو سعيد الخدري ، ومحمد بن مسلمة ، والنعمان بن البشير ، ورافع بن خديج ، وعبد الله بن سلام ، وقدامة بن مظعون ، وأسامة بن زيد ، والمغيرة بن شعبة ، وصهيب بن سنان ، ومعاوية بن أبي سفيان
.
ولكنّ بعضهم ندم على تفريطه في أمر بيعة الإمام ، وأما موقف الإمام عليه السلام
من هؤلاء فإنّه لم يتعرّض لأحد منهم بأيّ سوء ، وتركهم وحالهم في الأمة لهم ما للناس وعليهم ما على الناس .