لم يكن الإمام عليّ عليه السلام
طامعاً وساعياً في استلام الخلافة والتربّع على عرشها مثل الآخرين ، إذ كان همّه الأوّل والأخير تثبيت دعائم الإسلام ونشره ، وإعزاز الدين وأهله ، وإظهار عظمة الرسول وبيان سيرته ، وحثّ الناس على الاقتداء بمنهجه صلى الله عليه وآله وسلم
، فانشغل بمراسم تجهيز النبيّ والصلاة عليه ودفنه ، وما كان يدور في خَلَده أنّ الخلافة تعدوه وهو المؤهّل لها رسالياً والمرشّح لها نبوّياً ، ولكنّ نفوس القوم أضمرت ما ينافي وصايا نبيّهم في غزوتي أُحد وحنين ، وأغراهم الطمع في سلطان بغير حقّ ، فتركوا نبيّهم مطروحاً بلا دفن كما تركوه وفرّوا عنه في حياته عند الشدائد والهزائز .
لقد وصل خبر اجتماع السقيفة إلى بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
حيث يجتمع عليّ عليه السلام
وبنو هاشم والمخلصون من الصحابة حول جسد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
، فقال العباس عمّ الرسول لعليّ : يا ابن أخي ، اُمدد يدك أبايعك ، فيقال : عمّ رسول الله بايع ابن عمّ رسول الله ، فلا يختلف عليك اثنان .
فقال عليه السلام
:يا عمّ ، وهل يطمع فيها طامع غيري ؟
قال العباس : ستعلم .
غير أنّ الإمام عليه السلام
لم يكن ليخفى عليه ما كان يجري في الساحة من مؤامرات آنذاك فأجابه بصريح القول :( إنّي لا أحب هذا الأمر من وراء رِتاج )
.