لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
على علمٍ تامٍّ بما سيؤول إليه وضع المسلمين من بعده ، لأنّه كان يراقب العلل والأمراض التي ابتلي بها هذا المجتمع ن وكان على يقين بأن أوّل ضربة من بعده ستوجّه إلى الخطّ الرسالي الذي أرسى قواعده هو وعليّ ، وإلى الزعامة التي أشار إليها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
في أن تخلفه في الخطّ الصحيح للدعوة الإسلاميّة ، لانّ هذا يهدّد مصالح الكثير ممّن كانوا يريدون أن يستفيدوا من الإسلام ويتنعّموا بإشباع رغباتهم في ظلاله لا أن يقدّموا جهداً وفائدة للإسلام ، ويتزّعموا هذا الكيان الكبير الذي بناه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
.
ــــــــــــ
وكان صلى الله عليه وآله وسلم
يتخوّف من أن تتحول الشريعة الإسلامية إلى شيء آخر غير الذي أنزله الله عليه ، وتكون خاضعة للأهواء والرغبات ، وكمصداق على تخوف النبيّ هو واقعة الحارث بن النعمان الذي جاء يشكّك ويستنكر على النبيّ مواقفه .
فما كان منه صلى الله عليه وآله وسلم
إلاّ وأن يعلن موقفه من الاتّجاه الصحيح لخطّ الدعوة الإسلامية عبر مراحل وفترات عديدة ، فكان يكرّر لأصحابه : غن تستخلفوا عليّاً ـ وما أراكم فاعلين ـ تجدوه هادياً مهدياً يحملكم على المحجّة البيضاء
.
وروي أنّ سعد بن عبادة قال في ملأ من الناس : فو الله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يقول :إذا أنا متُّ تضلّ الأهواء بعدي ويرجع الناس على أعقابهم ، فالحقّ يومئذٍ مع عليّ
عليه السلام
.
وحديث الثقلين شاهد آخر على ضرورة التمسّك بطاعة عليّ عليه السلام
والسير على هَدْيه ومنهاج ولايته لضمان سلامة العقيدة الإسلامية وتحصينها من الانحراف .
ثمّ بدأ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
بإعداد خطّة جديدة لإتمام الأمر الإلهي بتنصيب عليٍّ أميراً للمؤمنين ، فحاول أن يعدّ جيشاً كبيراً يضمّ فيه كلّ العناصر التي من الممكن أن تدخل في حلبة الصراع السياسي مع الإمام عليّ عليه السلام
وتناوئه على زعامة الساحة الإسلاميّة ، ومن ثَمّ سينحرف مسار الرسالة الإسلامية عن طريقها القويم ، أو على الأقل أنّها تطالب بمكانة سياسية أو إدارية في جهاز الدولة ، وقد تظهر موقفاً معادياً في حالة رفض الإمام عليّ عليه السلام
ذلك ، ممّا قد يثير الكثير من المشاكل للأمة وهي في حالة ارتباك بفقده صلى الله عليه وآله وسلم
.
ــــــــــــ