بشوق غامر وغبطة تملأ القلوب تطلّع المسلمون إلى اللقاء العبادي السياسي الذي لم يشهد التأريخ نظيراً له من قبل عندما تحرّك موكب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
في أواخر شهر ذي القعدة من السنة العاشرة للهجرة باتجاه مكّة ليؤدّي مناسك الحجّ وحيث اللقاء مع الجموع القادمة من أطراف الجزيرة العربية يحدوها هدف واحد وتحت راية واحدة يردّدون شعاراً إلهياً واحداً
:
وكان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
قد كتب إلى عليّ عليه السلام
في اليمن يأمره أن يلتحق به في مكّة ليحجّ معه ، وأسرع عليّ بالخروج من اليمن ومعه الغنائم والحلل التي أصابها من اليمن ، والتقى بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
وقد أشرف على دخول مكّة ، فاستبشر بلقائه وأخبره بما صنع في اليمن ، ففرح النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
بذلك وابتهج وقال له :بِمَ أهللت ؟
ــــــــــــ
فقال عليّ عليه السلام
:يا رسول الله ! إنّك لم تكتب إليّ بإهلالك ولا عرفته فعقدتث نيّتي بنيّتك ، وقلت اللّهمّ إهلالاً كإهلال نبيّك ، وسقت معي من البدن أربعاً وثلاثين
، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
:الله أكبر وأنا قد سقت معي ستاً وستين ، فأنت شريكي في حجّي ومناسكي وهديي ، فأقم على إحرامك وعد إلى جيشك وعجّل به حتى نجتمع بمكّة
، وكان عليّ عليه السلام
قد سبق الجيش حينما بلغ مشارف مكّة وأَمّر عليهم رجلاً منهم
.
وأدى النبيّ مناسك العمرة والحجّ وعلي معه ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم
:منى
كلّها
منحر
، فنحر بيده الكريمة ثلاثة وستين ، ونحر عليّ عليه السلام
سبعة وثلاثين تمام المائة ، ثمّ اجتمع الناس فخطب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
خطاباً جامعاً وعظ المسلمين فيه ونصحهم
.
أتمَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
والمسلمون مناسكهم في منى ، ثمّ رجع إلى مكّة فدخل فيها ، وطاف طواف الوداع ، ثمّ اتّجه إلى المدينة .