إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
الذي كان يعيش همّ الرسالة الإسلامية بذل قصارى جهده في التبليغ والنصح لبناء مجتمع رسالي رصين يقاوم كلّ الظروف حتى يسود الإسلام بقاع الدنيا ، وقد عمل صلى الله عليه وآله وسلم
على محورين رئيسين هما : توعية الأمة بوصفها الرعيّة بالمقدار الذي تتطلبه الرعيّة الواعية من فهم وثقافة وقدرة على ممارسة الحياة الإسلامية كما أرادها الله سبحانه , وكان لعليّ عليه السلام
دور فاعل في هذا المحور ، فانّه يمكننا القول بأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
كان مشغولاً بتوسيع رقعة المجتمع الإسلامي طولياً ، وكان عليّ عليه السلام
مشغولاً بتعميق الرقعة عرضياً ، فكانت مهمّته تكملة لمهمّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
.شار النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
إلى طهارة عليّ وأهل بيته من الرجس المادي والمعنوي ، ولم يأذن لأحد بالمرور بمسجده على كلّ حال إلاّ لعليّ .
ولم يزل النبيّ يوجّه القاعدة الشعبية للالتفات حول عليّ ، ويأمرهم بحبّه والتعلّق به عند حلول المشاكل أو المستجدات المستعصية ، ووضّح لهم ضرورة فهم شخصية عليّ عليه السلام
في شدّة إيمانه وقوّته في ذات الله وعمق فهمه للعقيدة الإسلامية وسعة علمه ، فكانت الأحاديث :(أقضاكم عليّ أعلمكم عليّ أعدلكم عليّ )
وقد أثبتت الأحداث والوقائع صحّة ذلك .
وفي آخر منسك من مناسك الإسلام أشرك النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
عليّاً في حجّة دون غيره من المسلمين وقد صرّح بذلك ، وقاما معاً بنحر الهدي .
كانت هذه الخطوات إعداداً وتهيئة الأرضية لإعلان الغدير حين وقف النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
بعد إتمام مراسم حجّة الوداع ليعلن للملأ أنّه سيغادر الدنيا ويخلف عليّاً كقائد ومرجع للاُمّة بعده ، وأنّ هذا الإعلان والتنصيب صادر عن الله تعالى ، وتمّت بيعة الناس لعليّ عليه السلام
بإمرة المؤمنين ونزل الوحي الإلهي ببلاغ تمام النعمة وكمال الدين .