استمرّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يبلّغ رسالته المباركة وينشر الإسلام في ربوع
ــــــــــــ
الجزيرة العربية ، وفي ذات الوقت يطارد فلول الشرك عسكرياً حتى أشرفت السنة التاسعة للهجرة على نهايتها ، فأصبح للإسلام كيان سياسي مستقلّ وأمة تسودها علاقات متينة وأرض مترامية الأطراف وحدود منيعة ، ولم يعد لقوى الشرك وجود معتبر ، فكان لابدّ من تصفيتهم ، ونزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
سورة (براءة) الّتي تسنّ التشريعات الّتي تحدّد موقفه من المشركين والعهود والأحلاف الّتي كان قد أبرمها معهم وكان أفضل مكان لإعلان هذا القرار وقراءة هذا البيان الرسمي الإلهي هو البيت الحرام ، وأفضل وقت له هو اليوم العاشر من ذي الحجّة حيث يجتمع المشركون من أطراف الجزيرة ، فأرسل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
أبا بكر ليحجّ بالناس ويبلّغ سورة (براءة) ، ولمّا انتهى إلى (ذي الحليفة ) وهو المكان المعروف اليوم بمسجد الشجرة ، وإذا بالوحي ينزل على النبيّ ويأمره أن يرسل مكانه عليّ بن أبي طالب عليه السلام
، فأرسل النبيّ عليّاً وأمره أن يأخذ الآيات من أبي بكر ويبلّغها بنفسه ، فمضى نحو مكّة وهو على ناقة النبيّ حتى التحق بأبي بكر ، فلمّا سمع رغاء الناقة عرفها فخرج فزعاً وهو يظنّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وإذا هو عليّ ، فأخذ منه الآيات
وانطلق عليّ عليه السلام
في طريقه حتى بلغ مكّة ، وعندما اجتمع الناس لأداء مناسكهم ؛ قرأ عليهم الآيات الأولى من السورة ، ونادى في الناس : لا يدخل مكّة مشرك بعد عامه هذا ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فعهده إلى مدّته
.
ــــــــــــ