استعدّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
لمواجهة الروم حين علم أنّهم يريدون الإغارة والهجوم على الجزيرة ، فأعدّ بما يملك من استراتيجية محكمة العدّة والعدد ، وقرّر ـ لأهمية الموقف والنزال ـ أن يكون على رأس الجيش المتقدّم ، ولكنّ الظروف السياسية والعسكرية لم تكن تدعو للاطمئنان التامّ ونفي الاحتمال من هجوم المنافقين أو المرجفين على المدينة أو قيامهم بأعمال تخريبية أخرى ، لذا يتطلّب الأمر أن يبقى في المدينة من يتمتّع بمؤهّلات ولياقات عالية وحكمة بالغة ودراية تفصيلية في جميع الاُمور وحرص على العقيدة كي يتمكّن من مواجهة الطوارئ ، فاختار النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم
عليّاً لهذه المهمّة الحسّاسة كي يقوم مقام النبيّ في غيابه .
ــــــــــــ
فقال صلى الله عليه وآله وسلم
: ( يا عليّ ، إنّ المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك ) .
ولمّا تحرّك النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
باتّجاه (تبوك) ؛ ثقل على أهل النفاق بقاء عليّ عليه السلام
على رأس السلطة المحليّة في عاصمة الدولة الإسلاميّة ، وعظم عليهم مقامه ، وعلموا أنّها في حراسة أمينة ولا مجال لمطمع فيها ، فساءهم ذلك ، فأخذوا يردّدون في مجالسهم ونواديهم أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
لم يستخلفه إلاّ استثقالاً ومقتاً له ، فبهتوا بهذا الإرجاف عليّاً ، كبهت قريش للنبي بالجِنّة والسِّحر .
فلمّا بلغ عليّاً عليهالسلام إرجاف المنافقين به أراد تكذيبهم وإظهار فضيحتهم ، فأخذ سيفه وسلاحه ولحق بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
فقال : يا رسول الله ، إنّ المنافقين يزعمون أنّك خلّفتني استثقالاً ومقتاً ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم
: ارجع إلى مكانك فإنّ المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك ، فأنت خليفتي في أهل بيتي ودار هجرتي وقومي ، أما ترضى ـ يا عليّ ـ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي .
فرجع عليّ عليه السلام
ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
في سفره
.