هو هارون بن المعتصم ، أُمّه رومية ، وُلد في شعبان (١٩٦ هـ) واستولى على الخلافة في ربيع الأوّل (٢٢٧ هـ) .
وفي سنة (٢٢٨ هـ) استخلف على السلطة أشناس التركي وألبسه وشاحين مجوهرين وتاجاً مجوهراً .
وكان كثير الأكل جداً حتى قال ابن فهم : إنّه كان يأكل في خوان من ذهب وكان يحمل كل قطعة منه عشرون رجلاً .
وكان الواثق كأسلافه الحاكمين في الإسراف وقضاء الوقت باللهو والمفاسد .
وقيل عنه إنّه كان وافر الأدب مليح الشعر ، وكان أعلم الخلفاء بالغناء ، وله أصوات وألحان عملها نحو مائة صوت وكان حاذقاً بضرب العود ، راوية للأشعار والأخبار .
وكان يحب خادماً له أُهدي له من مصر فأغضبه الواثق يوماً ثم إنّه سمعه يقول لبعض الخدم : والله إنّه ليروم أن أكلّمه ـ أي الواثق ـ من أمس فما أفعل ، فقال الواثق في ذلك شعراً :
يا ذا الذي بعد أبي ظل مختفراً
|
|
ما أنت إلاّ مليك جاد إذ قدرا
|
لولا الهوى لتحاربنا على قدر
|
|
وان أقف منه يوماً فسوف ترى
|
وفي سنة (٢٢٩ هـ) حبس الواثق كتّاب دولته وألزمهم أموالاً عظيمة ، فأخذ من أحمد بن إسرائيل ثمانين ألف دينار ، ومن سليمان بن وهب ـ كاتب ايتاخ ـ أربعمائة ألف دينار ، ومن الحسن بن وهب أربعة عشر ألف دينار ، ومن إبراهيم بن رباح وكتّابه مائة ألف دينار ، ومن أحمد بن الخصيب مليوناً من الدنانير ، ومن نجاح ستين ألف دينار ، ومن أبي الوزير مائة وأربعين ألف دينار
.
فكم كان مجموع ثرواتهم بحيث أمكنهم دفع تلك الضرائب ؟ وإذا كانت هذه ثروة الكاتب العادي ، فكم هي ثروة الوزير نفسه ؟ ولعلّ من نافلة القول إنّ هذه الأموال إنّما اجتمعت عند هؤلاء على حساب سائر أبناء الأمة الإسلامية الذين كانوا يعانون من الفقر وحياة التقشّف التي أنتجها الظلم إلى جانب التفاضل الطبقي الفاحش .