أكمل الإمام الحسن العسكري عليه السلام
الخط الذي أسّسه آباؤه الطاهرون وهو إنشاء جماعة صالحة تمثل خط أهل البيت الفكري والعقائدي والأخلاقي والسلوكي وقد اهتمّ الإمامان محمّد الباقر وجعفر الصادق عليهما السلام
بشكل خاص بإعداد وتربية مجموعة من الرواة والفقهاء فتمثّلت فيهم مدرسة علمية استوفت في عهد الإمام العسكري عليه السلام
كل متطلبات المدرسة العلمية من حيث المنهج والمصدر والمادة ممهدة به لعصر الغيبة الصغرى
.
وقد أيّد الإمام العسكري عليه السلام
جملة من الكتب الفقهية والأصول الروائية التي جمعت في عصره أو قبل عصره وأيّد أصحابها وشكر لهم مساعيهم وبذلك يكون قد أعطى للمدرسة الفقهية تركيزاً واهتماماً يشير إلى أنّ الخط الفقهائي هو الخط المستقبلي الذي يجب على القاعدة الشيعية أن تسير عليه
.
وكان من منتسبي هذه المدرسة أساتذة وطلاباً في عهد أبناء الرضا عليه السلام
مجموعة قد أورد الشيخ المجلسيرضياللهعنه
في موسوعته أسماءهم
.
وقد أحصيت أسماء أصحاب الإمام الحسن العسكري عليه السلام
ورواة حديثه فبلغت ٢١٣ محدثاً وراوياً
.
وإليك بعض ثقاة الإمام الحسن العسكري عليه السلام
وأصحابه:
ـ علي بن جعفر الهماني.
ـ أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري.
ــــــــــــ
ـ داود بن أبي يزيد النيسابوري.
ـ محمد بن علي بن بلال.
ـ عبد بن جعفر الحميري القمي.
ـ أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري الزيّات والسمّان.
ـ إسحاق بن الربيع الكوفي.
ـ أبو القاسم جابر بن يزيد الفارسي.
ـ إبراهيم بن عبيد الله بن إبراهيم النيسابوري.
ـ محمد بن الحسن الصفار.
ـ عبدوس العطار.
ـ سري بن سلامة النيسابوري.
ـ أبو طالب الحسن بن جعفر.
ـ أبو البختري.
ـ الحسين بن روح النوبختي.
ومع ملاحظة حراجة الظروف المحيطة بالإمام العسكري وقصر الفترة التي عاشها إماماً ومرجعاً للأمة والشيعة فإنَّ هذه النسبة من الرواة تشكل رقماً قياسيّاً طبعاً.
وكان لمحمد بن الحسن بن فروّخ الصفّار المتوفى سنة(٢٩٠هـ) مجموعة من المؤلفات تقارب الأربعين مؤلفاً، وقد عدّه الشيخ الطوسي في رجاله في أصحاب أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام
وقال: «له كتب مثل كتب الحسين بن سعيد وزيادة كتاب بصائر الدرجات وغيره، وله مسائل كتب بها إلى أبي محمد الحسن بن علي العسكري»
.
ــــــــــــ
وقد تضمنت كتبه مختلف أبواب الأحكام كالصلاة والوضوء والعتق والدعاء والزهد والخمس والزكاة والشهادات، والتجارات، والجهاد وكتاب حول فضل القرآن الكريم وبلغت كتبه ـ على ما أحصاه الأستاذ الفضلي ـ خمسة وثلاثين كتاباً
.
وقد اتّسم عهد الأئمة من أبناء الرضا عليه السلام
وهم ـ الجواد والهادي والعسكري عليهم السلام
ـ باتّساع رقعة انتشار التشيّع، وكثرة العلماء والدعاة إلى مذهب أهل البيت، واكتمال معالم وأبعاد مدرستهم الفقهية في المنهج والمادة معاً.
ويتلخّص المنهج الذي سارت عليه مدرسة الفقهاء الرواة عن أهل البيت عليهم السلام
في نقاط جوهرية وأساسية تميّزها عمّا سواها من المدارس الفقهية وهي:
١ ـ اعتماد الكتاب والسنّة فقط مصدراً أساسياً للتشريع الإسلامي.
٢ ـ ضرورة الرجوع في تعلّم العلوم الشرعية وأخذ الفتوى إلى الإمام المعصوم إن أمكن.
٣ ـ لزوم الرجوع إلى الفقهاء الثقاة حيث يتعسّر الرجوع إلى الإمام المعصوم.
٤ ـ الإفتاء بنصّ الرواية أو بتطبيق القاعدة المستخلصة من الرواية
.
وبهذا وفّرت مدرسة أهل البيت عليهم السلام
ـ خلال قرنين ونصف قرن على الرغم من قساوة الظروف وبالرغم من افتتاح عدة جبهات للمعارضة مع الحكم القائم ـ كل متطلبات إحياء الشريعة الإسلامية وديمومتها واستمرارها حتى في عصر الغيبة. وهيّأت للمسلمين عامة ولشيعة أهل البيت خاصّة كل مقدّمات الاستقلال الفكري والسياسي والاقتصادي والثقافي وأعطتهم الزخم اللازم لاستمرار المواجهة مع الباطل الذي يترصّد الحق في كل زمان ومكان.
ــــــــــــ