لم يبق في الجزيرة العربية من بقي على الشرك والوثنية سوى أفراد قلائل بعد أن انتشرت العقيدة الإسلامية والشريعة السمحاء في أرجائها واعتنقها كثير من الناس. وهنا كان لابد من إعلان صريح حازم يلغي كل مظاهر الشرك والوثنية في مناسك أكبر تجمع عبادي سياسي.
وحان الوقت المناسب لتعلن الدولة الإسلامية شعاراتها في كل مكان وتنهي مرحلة المداراة وتأليف القلوب التي تطلبتها المرحلة السابقة.
واختار النبي صلى الله عليه وآله وسلم
يوم النحر زماناً ومنطقة منى
مكاناً لهذا الإعلان واختار أبا بكر ليقرأ مطلع سورة التوبة
التي نزلت لذلك وتضمّنت إعلان البراءة من المشركين جميعاً بصراحة وتمثّلت بنود البراءة في ما يلي:
١ ـ لا يدخل الجنة كافر.
٢ ـ لا يطوف في البيت الحرام عُريان; إذ كانت تقاليد الجاهلية تسمح بذلك.
٣ ـ لا يحج بعد هذا العام مشرك.
٤ ـ من كان بينه وبين رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم
عهد فأجله إلى مدته، ومن لم يكن له
عهد فإلى أربعة أشهر ثم يقتل من وُجِدَ في دار الإسلام مشركاً.
ــــــــــــ
ونزل الوحي الإلهي ليبلّغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم
مبدأً مهمّاً نصّه:(أنّه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك)
. فاستدعى النبي صلى الله عليه وآله وسلم
علياً وأمره أن يركب ناقته العضباء ويلحق بأبي بكر ويأخذ منه البلاغ ويؤديه للناس
.
ووقف علي بن أبي طالب بين جموع الحجيج وهو يتلو البيان الإلهي بقوة وجرأة تتوائم مع حزم القرار ووضوحه. ووقف الناس ينصتون إليه بحذر ودقة. وكان أثر الإعلان على المشركين أن قدموا مسلمين على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
.