استشهاد الإمام الهادي عليه السلام
ظلّ الإمام الهادي عليه السلام يعاني من ظلم الحكّام وجورهم حتّى دُسّ إليه السمّ كما حدث لآبائه الطّاهرين ، وقد قال الإمام الحسن عليه السلام :ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم (١) .
قال الطبرسي وابن الصباغ المالكي : في آخر ملكه ( أي المعتز ) ، استشهد وليّ الله علي بن محمد عليهما السلام (٢) .
وقال ابن بابويه : وسمّه المعتمد(٣) .
وقال المسعودي : وقيل إنّه مات مسموماً(٤) ; ويؤيد ذلك ما جاء في الدّعاء الوارد في شهر رمضان : وضاعف العذاب على مَن شرك في دمه(٥) .
وقال سراج الدين الرفاعي في صحاح الأخبار : ( وتوفّي شهيداً بالسمّ في خلافة المعتز العباسي ) .
وقال محمد عبد الغفار الحنفي في كتابه أئمة الهدى : ( فلمّا ذاعت
ــــــــــــــ
(١) بحار الأنوار : ٢٧/٢١٦ ، ح ١٨ .
(٢) إعلام الورى : ٣٣٩ ـ الفصول المهمّة : ٢٨٣ .
(٣) بحار الأنوار : ٥٠/٢٠٦ ، ح ١٨ ، المناقب : ٤/٤٠١ .
(٤) مروج الذهب : ٤/١٩٥ .
(٥) بحار الأنوار : ٥٠/٢٠٦ ح ١٩ .
شهرته عليه السلام استدعاه الملك المتوكل من المدينة المنوّرة حيث خاف على ملكه وزوال دولته وأخيراً دسّ إليه السمّ )(١) .
والصحيح أنّ المعتز هو الذي دسّ إليه السمّ وقتله به .
ويظهر أنّه اعتلّ من أثر السمّ الذي سُقي كما جاء فى رواية محمّد بن الفرج عن أبي دعامة ، حيث قال : أتيت عليّ بن محمد عليه السلام عائداً في علّته التي كانت وفاته منها ، فلمّا هممت بالانصراف قال لي :يا أبا دعامة قد وجب عليّ حقّك ، ألا أُحدّثك بحديث تسرّ به ؟ قال : فقلت له : ما أحوجني الى ذلك يا ابن رسول الله .
قال :حدّثني أبي محمد بن عليّ ، قال : حدثّني أبي عليّ بن موسى ، قال : حدثّني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدّثني أبي جعفر بن محمّد ، قال : حدّثني أبي محمّد بن عليّ ، قال : حدّثني أبي عليّ بن الحسين ، قال : حدّثني أبي الحسين بن عليّ ، قال : حدّثني أبي علي ابن أبي طالب عليهم السلام ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا عليّ اكتب : فقلت : وما أكتب ؟ فقال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم الإيمان ما وقّرته القلوب وصدّقته الأعمال ، و الإسلام ما جرى على اللّسان ، وحلّت به المناكحة .
قال أبو دعامة : فقلت : يا ابن رسول الله ، والله ما أدري أيّهما أحسن ؟ الحديث أم الإسناد ! فقال :إنّها لصحيفة بخطّ علي بن أبي طالب عليه السلام وإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نتوارثها صاغراً عن كابر (٢) .
قال المسعودي : واعتلّ أبو الحسن عليه السلام علّته التي مضى فيها فأحضر أبا محمّد ابنه عليه السلام فسلّم إليه النّور والحكمة ومواريث الأنبياء والسّلاح(٣) .
ونصّ عليه وأوصى إليه بمشهد من ثقات أصحابه ومضى عليه السلام وله أربعون سنة (٤) .
ــــــــــــــ
(١) راجع : الإمام الهادي من المهد إلى اللحد : ٥٠٩ ـ ٥١٠ .
(٢) بحار الأنوار : ٥٠/٢٠٨ ، مروج الذهب : ٤/١٩٤ .
(٣) إثبات الوصيّة : ٢٥٧ .
(٤) بحار الأنوار : ٥٠/٢١٠ .