من أهمّ زيارات الأئمة الطاهرين ـ عند الشيعة الإمامية ـ زيارة الغدير ، فقد اهتمّوا بها اهتماماً بالغاً ؛ لأنّها رمز لذلك اليوم الخالد في دنيا الإسلام ، ذلك اليوم الذي قرّر فيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
المصير الحاسم لأُمّته ، فنصب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام
خليفة على المسلمين .
وقد زار الإمام أبو الحسن الهادي عليه السلام
جدّه أمير المؤمنين في السنة التي أشخصه فيها المعتصم من يثرب إلى سُرّ مَن رأى
.
نعم زاره بهذه الزيارة التي هي من أروع وأجلّ الزيارات ، فقد تحدّث فيها عن فضائل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام
وما عاناه في عصره من المشاكل السياسية والاجتماعية .
وإليك بعض ما حفلت به هذه الزيارة التي هي من ملاحم أهل البيت عليهم السلام
:
١ ـ تحدّث الإمام أبو الحسن الهادي عليه السلام
في زيارته ( الغديرية ) عن أنّ جدّه الإمام أمير المؤمنين
عليه السلام
هو أوّل مَن أسلم وآمن بالله واستجاب لدعوة نبيّه ، قال
عليه السلام
مخاطباً جدّه :
( وأنت أوّل مَن آمن بالله وصلّى له ، وجاهد ، وأبدى صفحته في دار الشرك ، والأرض مشحونة ضلالة والشيطان يعبد جهرة )
.
لقد تظافرت الأخبار بأنّ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام
هو أوّل مَن أذعن لرسالة خاتم النبيّين ، واستجاب لنداء الله ، ودعى إلى دين الله بعد رسول الله ، فقد روى ابن إسحاق ، قال :
ــــــــــــــ
كان أوّل ذكر آمن برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وصلّى معه ، وصدّق بما جاءه من عند الله علي بن أبي طالب عليه السلام
وهو يومئذٍ ابن عشر سنين
.
وروى الطبراني بسنده عن أبي ذرّ قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
بيد علي عليه السلام
فقال :( هذا أوّل مَن آمن بي وأوّل مَن يصافحني يوم القيامة )
.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
لعائشة :( هذا علي بن أبي طالب أوّل الناس إيماناً )
. وكثير من أمثال هذه الأخبار قد أعلنت ذلك .
٢ ـ وتحدّث الإمام عليه السلام
في زيارته عن جهاد الإمام أمير المؤمنين
عليه السلام
وبسالته وشجاعته وصموده في الحروب قائلاً :
( ولك المواقف المشهودة ، والمقامات المشهورة ، والأيام المذكورة يوم بدر ، ويوم الأحزاب
(
وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُوراً * وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاّ فِرَاراً
)
.
وقال الله تعالى :
(
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً
)
.
فقتلت عمرهم وهزمت جمعهم ، وردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً ، وكفى الله المؤمنين القتال ، وكان الله قوياً عزيزاً ، ويوم أحد إذ يصعدون ولا يلوون على أحد والرسول يدعوهم في أًخراهم وأنت تذود بهم المشركين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
ذات اليمين
ــــــــــــــ
وذات الشمال حتى ردّهم الله تعالى عنها خائفين ونصر بك الخاذلين .
ويوم خيبر إذ اظهر الله خور المنافقين ، وقطع دابر الكافرين ـ والحمد لله ربّ العالمين ـ ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الأدبار ، وكان عهد الله مسؤولاً .
وأضاف الإمام قائلاً :وشهدت مع النبي
صلى الله عليه وآله وسلم
جميع حروبه ومغازيه ، تحمل الراية أمامه ، وتضرب بالسيف قدّامه ، ثم لحزمك المشهور وبصيرتك في الأمور أمّرك في المواطن ، ولم يكن عليك أمير )
.
٣ ـ وعرض الإمام في زيارته إلى مبيت الإمام على فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم
، ووقايته له بنفسه حينما اجمعت قريش على قتله ، فكان الإمام الفدائي الأوّل في الإسلام ، يقول
عليه السلام
:
وكذلك أنت لمّا أباتك النبي
صلى الله عليه وآله وسلم
وأمرك أن تضطجع في مرقده واقياً له بنفسك أسرعت إلى إجابته مطيعاً ، ولنفسك على القتل موطّناً فشكر الله تعالى طاعتك وأبان من جميل فعلك بقوله جلّ ذكره :
(
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ
)
.
ــــــــــــــ