أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له كما شهد الله لنفسه وشهدت له ملائكته وأُولوا العلم من خلقه لا إله إلاّ هو العزيز الحكيم وأشهد أنّ محمداً عبده المنتخب ورسوله المرتضى أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون .
وأشهد أنّكم الأئمة الراشدون المهديّون المعصومون المكرّمون المقرّبون المتّقون الصادقون المصطفون المطيعون لله القوّامون بأمره العاملون بإرادته الفائزون بكرامته .
عصمكم الله من الزلل وآمنكم من الفتن وطهّركم من الدنس وأَذهب عنكم الرجس وطهّركم تطهيراً .
فعظَّمتم جلاله وأكبرتم شأنه ومجّدتم كرمه وأدمتم ذكره ووكّدتم ميثاقه وأحكمتم عقد طاعته ونصحتم له في السرّ والعلانية ودعوتم إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة وبذلتم أنفسكم في مرضاته وصبرتم على الأذى في جنبه وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم في الله حقّ جهاده حتى أعلنتم دعوته وبيّنتم فرائضه وأقمتم حدوده ونشرتم شرايع أحكامه وسننتم سنّته وصرتم في ذلك منه إلى الرضا وسلمتم له القضاء وصدقتم من رسله من مضى )
.
إنّ العناصر الفكرية الأساسية للتشيّع والتي تُستفاد من هذا النص هي :
١ ـ الإيمان بالله وحده لا شريك له .
٢ ـ محمّد عبده المنتخب ورسوله المرتضى .
٣ ـ الأئمة هم بشر راشدون مهديّون معصومون مكرّمون ، وقيمتهم نابعة من تكريم الله لهم .
على أنّ الجانب العملي لحركة الأئمّة هو كما يلي :
١ ـ تعظيم الله وإكبار شأنه وتمجيد كرمه .
٢ ـ توكيد ميثاقه وإحكام عقد طاعته .
٣ ـ النصح له بالسرّ والعلن .
٤ ـ الدعوة له بالحكمة والموعظة الحسنة .
٥ ـ التضحية المستمرّة في سبيل الله ببذل النفس والصبر على المكروه .
٦ ـ إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وممارسة باقي العبادات والحدود الإسلامية .
٧ ـ الحفاظ على سلامة الشريعة من التحريف .
٨ ـ التسليم بالقضاء والقدر .
٩ ـ التأكيد على وحدة المسيرة النبوية وتصديق الرسل .
٤ ـ الموالون لأهل البيت عليهم السلام
وبيّن الإمام أنّ هناك صنفين من الناس قسم يوالي أهل البيت عليهم السلام
فيسير في طريق الهدى ، وآخر يوالي أعداءهم فيسير في طريق الضلال ، قال
عليه السلام
:
( فالراغب عنكم مارق ، واللازم لكم لاحق ، والمقصّر في حقّكم زاهق .
والحق معكم وفيكم ومنكم وإليكم وأنتم أهله ومعدنه وميراث النبوّة عندكم وإياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم وفصل الخطاب عندكم وآيات الله لديكم وعزائمه فيكم ونوره وبرهانه عندكم وأمره إليكم .
مَنْ والاكم فقد والى الله ، ومَنْ عاداكم فقد عادى الله ، ومَنْ أحبّكم فقد أَحبَّ الله ، ومَن أبغضكم فقد أبغض الله ، ومَن اعتصم بكم فقد اعتصم بالله .
وأنتم الصراط الأقوم وشهداء دار الفناء وشفعاء دار البقاء والرحمة الموصولة والآية المخزونة والأمانة المحفوظة والباب المبتلى به الناس .
مَنْ أتاكم نجى ومَنْ لم يأتِكم هلك .
إلى الله تدعون وعليه تدلّون وبه تؤمنون وله تسلّمون وبأمره تعملون والى سبيله ترشدون وبقوله تحكمون .
سَعَدَ مَن والاكم ، وهلك مَن عاداكم ، وخاب مَن جحدكم ، وضلّ مَن فارقكم ، وفاز مَن تمسّك بكم ، وأمن مَن لجأَ اليكم ، وسلم مَن صدقكم ، وهدي مَن اعتصم بكم .
مَن اتبعكم فالجنّة مأواه ، ومَن خالفكم فالنار مثواه ، ومَن جحدكم كافر ، ومَن حاربكم مشرك ، ومَن ردّ عليكم في أسفل درك من الجحيم )
.
الحقيقة الثانية : إنّ الموالي لأهل البيت عليهم السلام
يعلم قيمتهم الحقيقية عند الله ؛ لذلك نجده يقول
عليه السلام
:
( أشهدُ أنَّ هذا سابق لكم فيما مضى وجارٍ لكم فيما بقي وأنّ أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة طابت وطهرت بعضها من بعض .
خلقكم الله أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين حتى مَنَّ علينا بكم فجعلكم في بيوت أذِنَ اللهُ أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه .
وجعل صلواتنا عليكم وما خصّنا به من ولايتكم طيباً لخلقنا وطهارة لأنفسنا وتزكية لنا وكفّارة لذنوبنا فكنّا عنده مسلمين بفضلكم ومعروفين بتصديقنا إيّاكم )
.
الحقيقة الثالثة : الرغبة في انتشار أمرهم وتشعشع فضلهم فلا يبقى خير إلاّ وأضاءه نورهم الشريف :
( فبلغ الله بكم أشرف محلّ المكرمين وأعلى منازل المقرّبين وأرفع درجات المرسلين حيث لا يلحقه لاحق ولا يفوقه فائق ولا يسبقه سابق ولا يطمع في إدراكه طامع حتى لا يبقى ملك مقرّب ولا نبي مرسل ولا صدّيق ولا شهيد ولا عالم ولا جاهل ولا دنيّ ولا فاضل ولا مؤمن صالح ولا فاجر طالح ولا جبّار عنيد ولا شيطان مريد ولا خلق فيما بين ذلك شهيد إلاّ عرفهم جلالة أمركم وعظم خطركم وكبر شأنكم وتمام نوركم وصدق مقاعدكم وثبات مقامكم وشرف محلّكم ومنزلتكم عنده وكرامتكم عليه وخاصّتكم لديه وقرب منزلتكم منه )
.
الحقيقة الرابعة : الإقرار الدائم بمعتقدات أهل البيت عليهم السلام
والعمل بموجبها :( بأبي أنتم وأُمّي وأهلي ومالي وأُسرتي أُشهد الله وأُشهدكم أنّي مؤمن بكم وبما آمنتم به ، كافر بعدوّكم وبما كفرتم به ، مستبصر بشأنكم وبضلالة مَن خالفكم موالٍ لكم ولأوليائكم مبغض لأعدائكم ومعادٍ لهم ، سِلْمٌ لمَن سالمكم وحرب لمَن حاربكم محقّق لما حقّقتم مبطل لما أبطلتم مطيع لكم عارف بحقّكم مقرّ بفضلكم محتمل لعلمكم )
.
ومن مصاديق الإيمان بقضيّة أهل البيت قول الإمام عليه السلام
:
( محتجب بذمّتكم ومعترف بكم مؤمن بإيابكم مُصدِّق برجعتكم منتظر لأمركم مرتقب لدولتكم آخذ بقولكم عامل بأمركم مستجير بكم زائر لكم عائذ بقبوركم مستشفع إلى الله عزّ وجلّ بكم ومتقرّب بكم إليه ومقدّمكم أمام طلبتي وحوائجي وإرادتي في كل أحوالي وأُموري ، مؤمن بسرّكم وعلانيتكم وشاهدكم وغائبكم وأوّلكم وآخركم ومفوّض في ذلك كلّه إليكم
ومسلّم فيه معكم وقلبي لكم مسلم ورأيي لكم تبع ونصرتي لكم مُعدَّة حتى يحيي الله تعالى دينه بكم ويردّكم في أيامه ويظهركم لعدله ويُمكّنكم في أرضه فمعكم معكم لا مع غيركم ، آمنت بكم وتولّيت آخركم بما تولّيت به أوّلكم وبرئت إلى الله عزّ وجلّ من أعدائكم ومن الجبت والطاغوت والشياطين وحزبهم الظالمين لكم الجاحدين لحقّكم والمارقين من ولايتكم الغاصبين لإرثكم الشاكين فيكم المنحرفين عنكم ومن كلِّ وليجة دونكم وكل مطاع سواكم ومن الأئمة الذين يدعون إلى النار.
فثبّتني الله أبداً ما حييت على موالاتكم ومحبّتكم ودينكم ووفّقني لطاعتكم ورزقني شفاعتكم وجعلني من خيار مواليكم التابعين لما دعوتم إليه وجعلني ممّن يقتصُّ آثاركم ويسلك سبيلكم ويهتدي بهديكم ويحشر في زمرتكم ويكرّ في رجعتكم ويُملَّك في دولتكم ويشرّف في عافيتكم ويُمكَّن في أيامكم وتقرّ عينه غداً برؤيتكم .
بأبي أنتم وأُمّي ونفسي وأهلي ومالي مَن أراد الله بدأ بكم ومَن وحَّده قبل عنكم ومَن قصده توجّه بكم .
مواليّ لا أُحصي ثناءكم ولا أبلغ من المدح كنهكم ومن الوصف قدركم وأنتم نور الأخيار وهداة الأبرار وحجج الجبّار .
بكم فتح الله وبكم يختم وبكم ينزل الغيث وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه وبكم يُنفّس الهمّ ويكشف الضر .
وعندكم ما نزلت به رسله وهبطت به ملائكته والى جدّكم بُعث الروح الأمين ، آتاكم الله ما لم يُؤتِ أحداً من العالمين .
طأطأ كل شريف لشرفكم وبخع كل متكبّر لطاعتكم وخضع كل جبّار لفضلكم وذلّ كل شيء لكم وأشرقت الأرض بنوركم وفاز الفائزون بولايتكم ، بكم يُسلك إلى الرضوان وعلى مَن جحد ولايتكم غضب الرحمان .
بأبي أنتم وأُمّي ونفسي وأهلي ومالي ذكركم في الذاكرين وأسماؤكم في الأسماء وأجسادكم في الأجساد وأرواحكم في الأرواح وأنفسكم في النفوس وآثاركم في الآثار وقبوركم في القبور فما أحلى أسماءكم وأكرم أنفسكم وأعظم شأنكم وأجلَّ خطركم وأوفى عهدكم وأصدق وعدكم .
كلامكم نور وأمركم رشد ووصيّتكم التقوى وفعلكم الخير وعادتكم الإحسان وسجيّتكم الكرم وشأنكم الحق والصدق والرفق وقولكم حكم وحتم ورأيكم علم وحلم وحزم ، إنْ ذُكِرَ الخير كنتم أوّله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه .
بأبي انتم وأُمّي ونفسي كيف أصف حسن ثنائكم وأحصي جميل بلائكم وبكم أخرَجنا الله من الذلّ وفَرّج عنّا غمرات الكروب وأنقذنا من شفا جرف الهلكات ومن النار .
بأبي أنتم وأُمّي ونفسي بموالاتكم علّمنا الله معالم ديننا وأصلح ما كان فسد من دنيانا ، وبموالاتكم تَمَّت الكلمة وعظمت النعمة وائتلفت الفرقة ، وبموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة ، ولكم المودّة الواجبة والدرجات الرفيعة والمقام المحمود والمكان المعلوم عند الله عزّ وجلّ والجاه العظيم والشأن الكبير والشفاعة المقبولة .
يا أولياء الله إنّ بيني وبين الله عزّ وجلّ ذنوباً لا يأتي عليها إلاّ رضاكم فبحق مَن ائتمنكم على سرّه واسترعاكم أمر خلقه وقرن طاعتكم بطاعته لمّا استوهبتم ذنوبي وكنتم شفعائي فإنّي لكم مطيع ؛ مَن أطاعكم فقد أطاع الله ومَن عصاكم فقد عصى الله ومَن أحبّكم فقد أحبَّ الله ومَن أبغضكم فقد أبغض الله .
اللّهمّ إنّي لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمّد وأهل بيته الأخيار الأئمة الأبرار لجعلتهم شفعائي فبحقّهم الذي أوجبت لهم عليك أسألك أن تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقّهم وفي زمرة المرحومين بشفاعتهم إنّك أرحم الراحمين وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين وسلّم تسليماً كثيراً وحسبنا الله ونعم الوكيل )
.
ومن هذه الفقرات نستلهم النقاط التالية :
١ ـ ضرورة الإيمان بإيابهم وقيام دولتهم .
٢ ـ أهمّية زيارة قبورهم .
٣ ـ أهمّية الإيمان بالرجعة .
٤ ـ أهمّية الإيمان بسرّهم وعلانيتهم .
٥ ـ ضرورة الاستعداد لنصرة دولتهم لحدّ التمكين في الأرض .
٦ ـ ضرورة البراءة من عدوّهم .
٧ ـ فرح المؤمن بما رزقه الله على يد أهل البيت .
٨ ـ إنّ وحدة المسلمين السليمة لا تتمّ إلاّ تحت لوائهم عليهم السلام
.
٩ ـ إنّ الإيمان بهم لا يكون عاطفياً ، بل يكون عن وعي وإدراك وبحث وتمحيص
.
ــــــــــــــ