يا أخنوخ أ ما تفكرت في بدائع فطرة الله الذي بصرك عجائبها و أراك مراتبها من هذه الأفلاك الدوارة و النجوم السيارة التي تطلع و تأفل و تستقر أحيانا و ترحل و تضيء في الظلم و الدآدي و تهتدي بها في اللجج و الفيافي تنجم و تغور و تدبر عجائب الأمور لازمة مجاري مناطقها عانية خاضعة لأمر خالقها أ ما نظرت إلى هذه الشمس المنيرة المفرقة بين الليل و النهار المعاقبة بين الإظلام و الإسفار المغيرة فصول السنة إسخانا و تبريدا و إفراطا و تعديلا المربية لثمار الأشجار و جواهر المعادن في الآبار التي إن دامت على حال واحدة لم ينبت زرع و لم يدر ضرع و لا حيي حيوان و لا استقر زمان و مكان أ ما علمت أن ذلك بفطرة حكيم وسع علمه الأشياء و خلق قوي لا يستثقل الأعباء و أمر عليم لا يتكأده الإحصاء و حكم قادر لا يلحقه نصب و لا إعياء و تدبير عال لا مغالب لحكمه و أن ذلك لعنايته بضعاف الخلق و كرمه في إدرار الرزق و أنه تعالى العالم الحق الذي لا يغيب عنه ما كان و لا ما يكون .
المصدر:
بحار الأنوار