خير الرزق ما يكفي و خير الذكر ما يخفى و إني أوصيكم بتقوى الله و حسن النظر
لأنفسكم و قلة الغفلة عن معادكم و ابتياع ما يبقى بما يفنى و اعلموا أنها أيام
معدودة و الأرزاق مقسومة و الآجال معلومة و الآخرة أبد لا أمد له و أجل لا منتهى له
و نعيم لا زوال له فاعرفوا ما تريدون و ما يراد بكم و اتركوا من الدنيا ما يشغلكم
عن الآخرة و احذروا حسرة المفرطين و ندامة المغترين و استدركوا فيما بقي ما فات و
تأهبوا للرحيل من دار البوار إلى دار القرار و احذروا الموت أن يفاجئكم على غرة و
يعجلكم عن التأهب و الاستعداد و إن الله تعالى قال- >فلا يستطيعون توصية و لا إلى
أهلهم يرجعون فرب ذي عقل أشغله هواه عما خلق له حتى صار كمن لا عقل له و لا تعذروا
أنفسكم في خطئها و لا تجادلوا بالباطل فيما يوافق هواكم و اجعلوا همكم نصر الحق من
جهتكم أو من جهة من يجادلكم فإن الله تعالى يقول-> يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار
الله فلا تكونوا أنصارا لهواكم و الشيطان و اعلموا أنه ما هدم الدين مثل إمام
ضلالة و أضل و جدال منافق بالباطل و الدنيا قطعت رقاب طالبيها و الراغبين إليها و
اعلموا أن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران فمهدوه بالعمل الصالح
فمثل أحدكم يعمل الخير كمثل الرجل ينفذ كلامه يمهد له قال الله تعالى >فلأنفسهم
يمهدون و إذا رأيتم الله يعطي العبد ما يحب و هو مقيم على معصيته فاعلموا أن ذلك
استدراج له قال الله تعالى >سنستدرجهم من حيث لا يعلمون
المصدر:
ارشاد القلوب للديلمي